News image

الجزيرة وأحلام القطريين المستحيلة!

ثلاثة وعشرون عاماً مرت على انطلاق «الجزيرة» التي تحولت في غضون هذه السنوات من قناة إخبارية صغيرة، إلى شبكة تزاحم وسائل الإعلام العالمية وتتفوق على نظيراتها العربية بأشواط، ولا يزال الإعلاميون القطريون يرون فيها «الجهاز الحكومي الذي سيتم توطينه في يوم من الأيام»، وهو اليوم الذي لم يأت بعد.

فمنذ تأسيسها، ارتبطت «الجزيرة» ارتباطاً وثيقاً بالعاملين فيها من حملة الجنسيات العربية المختلفة باستثناء القطرية، فكان الصحافيون والمنتجون والتقنيون وغيرهم من الموظفين فيها؛ يشكلون التكتلات والتحالفات فيما بينهم حسب الحدود الجغرافية التي ينتمي إليها كل واحد منهم، وهو الأمر الذي طفى على السطح أخيراً.

فعلى سبيل المثال، فإن الكتلة الفلسطينية في «الجزيرة» لها بصمة واضحة «وضوح الشمس»، إذ أن أول من شغل منصب مدير عام القناة لدى إطلاقها في يونيو 1996، كان المذيع الفلسطيني عدنان الشريف، قبل التراجع عن هذا القرار من أجل تعيين شخصية قطرية، وفقاً لما ورد في خبر بثته وكالة الأنباء الفرنسية «أ ف ب» في 4 يونيو 2003.

ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، كان الصحافيون والإعلاميون الفلسطينيون عدا عن توليهم تقديم أهم النشرات الإخبارية عبر «الجزيرة»، كانوا يصولون ويجولون فيها، تحت إشراف عرّاب ماكينة الإعلام القطرية، المفكر الفلسطيني عزمي بشارة (62 عاماً)، ومواطنه وضاح خنفر (51 عاماً)، الذي نجح بثبيت هذا البُعد التاريخي للفلسطينيين في الدوحة خلال الأعوام الثمانية التي تولى فيها إدارة القناة الإخبارية.

ومع التوسع الكبير لـ«الجزيرة»، كانت تظهر تكتلات أخرى مؤثرة في سير عملها، كالجزائرية بقيادة مصطفى سواق الذي شغل عدداً من المناصب المختلفة في الشبكة منها مدير قناة الجزيرة الإخبارية، مدير أخبار القناة الإخبارية ومستشاراً لرئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، ومدير مركز الجزيرة للدراسات ومدير مكتب قناة الجزيرة الإخبارية في لندن.

كذلك، يعتبر الصحافي المصري المخضرم صلاح نجم، من أبرز أبرز المؤثرين في الشبكة القطرية، فبعد مساهمته بتأسيس القناة الإخبارية العربية، شغل العديد من المناصب، كأول رئيس تحرير لغرفة الأخبار فيها، ثم تولى منصب مدير قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية، ومن المؤثرين المصريين كذلك، هناك الصحافي إبراهيم هلال الذي تولى أيضاً منصب رئاسة التحرير في القناة العربية، ومناصب أخرى.

ويرى المراقب لنشرات وبرامج «الجزيرة» تصدر الوجوه العربية للشاشة القطرية، أمثال فيصل القاسم (سوري)، أحمد منصور (مصري)، جمال ريان (فلسطيني)، عبد القادر عياض (جزائري)، خديجة بن قنة (جزائرية)، مراد بوعلام الله (جزائري)، إيمان عياد (فلسطينية)، محمود مراد (مصري)، غادة عويس (لبنانية)، علا الفارس (أردنية)، حسن جمول (لبناني)، سلمى الجمل (سورية)، محمد كريشان (تونسي)، فيروز زياني (جزائرية)، زين العابدين توفيق (مصري).

أما الوجوه الإعلامية التي تحمل الجنسية القطرية في «الجزيرة»، فإن عددها يكاد لا يذكر، كذلك، فإن المهام التي توكل إليهم، تكاد تقتصر على تقديم النشرات الجوية، أو أخبار الرياضة، وهو ما دفع الكاتب القطري محمد فهد الفحطاني قبل أيام لانتقاد الإدارة العليا للشبكة، متهماً إياها بـ«تجاهل القطريين وتغييبهم عن شاشاتها على حساب غيرهم من الجنسيات الأخرى».

وفي ظل هذه السيطرة العربية الكبيرة على «الجزيرة»، يخرج بين الفينة والأخرى، قطريون ممن يعملون في الشبكة بدرجات متدنية، مرددين «الحُلم المستحيل» كما يصفه مراقبون، والمتمثل بـ«توطين أو تقطير الوظائف المختلفة في الجزيرة» وهو «حلم أقرب للأمنيات، لذا فإن هؤلاء باستطاعتهم استعراض قدراتهم الإعلامية من خلال التلفزيون الحكومي الرسمي لدولة قطر الذي يسيطرون عليه، ورغم ذلك لا يختلف عن باقي القنوات الرسمية العربية».